فصل: تفسير الآية رقم (148):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير التستري



.تفسير الآية رقم (37):

{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)}
وسئل عن قوله: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ} [37] ما هذه الكلمات التي تلقاها من ربه؟ قال سهل: أخبرني محمد بن سوار عن أبيه عن الثوري عن عبد العزيز ابن رفيع عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أنه قال: لما ذكر آدم صلوات اللّه عليه خطيئته قال: يا رب، أرأيت معصيتك التي عصيتك، أشيء كتبته عليّ قبل أن تخلقني، أم شيء ابتدعته؟
قال: بل شيء كتبته عليك إنك ستفعله بترك العصمة مني قبل أن أخلقك بخمسين ألف عام. قال آدم صلوات اللّه عليه: فكما كتبته عليّ فاغفر لي، {فإنا قد ظَلَمْنا أَنْفُسَنا} [الأعراف: 23] أي بالإقامة على همة النفس والسكون إلى تدبيرها، وتبنا عن الرجوع إليه، {وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا} [الأعراف: 23] أي في الدنيا {وَتَرْحَمْنا} [الأعراف: 23] في ما بقي من أعمارنا {لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ} [الأعراف: 23] أي من الأشقياء المعذبين في الآخرة، فكانت هذه الكلمات التي قال اللّه تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [37]. وروي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال: «قال آدم لموسى عليهما السلام: بكم تجد الخطيئة كتبت عليّ من قبل أن أخلق؟ قال: بأربعين ألف عام. قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: فحج آدم وموسى عليهما السلام».
وسئل عن قوله: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [30] فقال: أي نطهر أنفسنا بقولنا ما ألهمتنا تفضلا منك علينا، تباركت ربنا.

.تفسير الآيات (40- 42):

{يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)}
وسئل عن قوله: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [40] ما هذه الرهبة التي أمرهم بها؟ فقال: أراد موضع نور النفس من بصر القلب والمعرفة من كلية القلب، لأن المكابدة والمجاهدة في الإيمان، فإذا سكن القلب من التقوى إلى الغير انكشف نور اليقين، ووصل العبد ساكنا بالإيمان للّه توحيدا على تمكين. أعني سكون قلبه إلى مولاه، فصار نور اليقين يكشف عن علم اليقين، وهو الوصول إلى اللّه تعالى، فلا ذلك اليقين بنور اليقين إلى عين اليقين ولا مخلوق، لأنه نور من نور ذات الحق، لا بمعنى الحلول، ولا بمعنى الجمع، ولا بمعنى الاتصال، ولكن معنى اتصال العبد بمولاه من موضع توحيده وطاعته باللّه ورسوله، فعلى قدر قوته من البصر باللّه يدرك التقوى للّه والرهبة إياه. وأصل التقوى: مباينة النفس، فيباينها في ذلك، ولا يساكنها شيئا من ملاذ هواها، ولا ما تدعوه إليه من حظوظها التي لم تتعذر فيها. اعلم أن الناس يتفاضلون في القيامة على قدر نور يقينهم، فمن كان أوزن يقينا كان أثقل ميزانا، وكان من دونه في ميزانه. قيل: بم تعرف صحة يقين العبد؟ قال: بقوة ثقته باللّه تعالى، وحسن ظنه به، فالثقة باللّه مشاهدة باليقين، وعين اليقين وكليته وكماله ونهايته الوصول إلى اللّه عزّ وجلّ.
فقيل له: ما معنى قوله: {وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ} [41] قال : أراد بذلك موضع علمه السابق فيهم، أي لا تأمنوا المكر والاستدراج، فتسكن قلوبكم إلى ملاحظة سلامتكم في الدنيا مع الإقامة على التقصير، وإلى حلمي عنكم في المعاجلة لكم في نفس أمنكم واغتراركم وغفلتكم فتهلكوا. وقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم «لو زاد في اليقين عيسى بن مريم لمشى على الهواء كما مشى على الماء»، وقد مشى نبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ليلة الإسراء على الهواء لقوة نور يقينه التي أعطاه اللّه تعالى من نوره زيادة نور إلى نور كان من اللّه تعالى. وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «لو ثبتت المعرفة على قلب داود صلوات اللّه عليه ولم يغفل ما عصى» فلعمري أن المعرفة أدرجت في أوطانها لتجري عليه ما كان من علم اللّه سابقا فيه، فلا بد من إظهاره على أوصافه إذا كان على حتم لا يتغير العلم إلى غير ما علم العالم جل وعز، فإنما ستر اللّه عزّ وجلّ في أوطان داود صلوات اللّه عليه نور اليقين الذي به يبصر عين اليقين وكليته، ليتم حكم اللّه تعالى فيه، ألا ترى أن العبد إنما ينظر إلى الحق بسبب لطيفة من الحق بوصولها إلى قلبه هي من أوصاف ذات ربه ليست بمكونة ولا مخلوقة ولا موصولة ولا مقطوعة، وهي سر من سر إلى سر وغيب من غيب إلى غيب، فباللّه اليقين، والعبد موقن بسبب منه إليه على قدر ما قسم اللّه له من الموهبة وجملة سويداء قلبه. وللإيمان وطنان، وهو ما سكن فلم يخرج، ونور اليقين خطرات، فإذا سكن واستقر صار إيمانا، واليقين خطرات بعده، فهو في المريد هكذا حاله أبدا.
وسئل عن قوله: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ} [42] الآية، فقال: أي لا تلبسوا بأمر الدنيا أمر الآخرة. وأراد لا يحل لأهل الحق كتمان الحق عن أهله خاصة، عمن يرجون هدايته إلى اللّه عزّ وجلّ، فأما أهله فإنهم يزدادون بصيرة به، وأما من كان من غير خاصة أهله فإن قول الحق لهم هداية وإرشاد إلى اللّه تعالى.

.تفسير الآية رقم (45):

{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (45)}
وسئل عن قوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [45] الآية، فقال: الصبر هاهنا الصوم والصلاة وصلة المعرفة، فمن صحت له الصلاة، وهي الوصلة، لم يبق له على اللّه تهمة، إذ السؤال تهمة، ولا يبقى السؤال مع الوصلة، ألا ترى إلى قوله: {وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ} [45].

.تفسير الآية رقم (48):

{وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)}
وسئل عن قوله: {وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} [48] أي لو جاءت بكل شيء من الأعمال من كبير أو صغير أو كثير أو قليل لم يتقبل ذلك منها، ولا شيء منه عند حصولهم في القيامة، والعدل: المثل، ألا ترى إلى قوله: {أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً} [المائدة: 95] أي مثله وجزاءه.

.تفسير الآية رقم (55):

{وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)}
وسئل عن قوله: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [55] قال: الصاعقة: الموت، والصاعقة: كل عذاب مهلك ينزله اللّه تعالى بمن يشاء من عباده، فينظرون إلى ذلك عيانا، ويريه غيرهم فيهم اعتبارا وتحذيرا.

.تفسير الآيات (71- 72):

{قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72)}
وسئل عن قوله: {لا شِيَةَ فِيها} [71] فقال: أي لا علامة فيها تشينها، ولا لون يخالف لون سائر جسدها. وتلك حكمة من صانعها، وعبرة لمن اعتبر بها، وزاد لإيمانه وتوحيده يقينا.
قوله: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها} [72] أي تنازعتم فيها. قوله: {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [آل عمران: 183] قال سهل: هذا توبيخ من اللّه عزّ وجلّ لهم بما كان من آبائهم من قتلهم الأنبياء. ألا ترى أنه لم يقتل المخاطبون بهذه الآية نبيا في وقت محمد صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا كان في واجه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بما خاطب به أمته، وذلك قوله: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وكذلك معنى قوله: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: 1- 2] لأي علة تسألون محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم وهو أعلم بذلك.
وسئل عن قوله: {فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [175] فقال: أي على الفتوى من غير علم من السنة والشرع، والعبودية بعمل أهل النار.

.تفسير الآية رقم (102):

{وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (102)}
قوله تعالى: {وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [102] أي بعلم اللّه السابق فيه قبل وقوع ذلك الفعل من الفاعل. قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ} [آل عمران: 102] أراد فيما تعبدكم به لا فيما يستحقه الحق في ذاته عزّ وجلّ. قوله: {فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً} [59] قال: الرجز هو العذاب.

.تفسير الآية رقم (112):

{بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)}
قوله تعالى: {بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [112] قال سهل: أي دينه، كما قال في سورة النساء: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ} [النساء: 125] أي ممن أخلص دينه للّه، وهو الإسلام وشرائعه، وقال، أي في لقمان: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [لقمان: 22] يعني يخلص دينه للّه.
وسئل عن قوله: {لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ} [78] يعني أنهم يتمنون على اللّه الباطل ميلا إلى هوى نفوسهم بغير هدى من اللّه، يعني اليهود. قوله: {وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [87] قال: القدس هو الحق، يعني الذي طهّر من الأولاد والشركاء والصاحبة.

.تفسير الآية رقم (128):

{رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)}
قوله: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [128] قال: «الأمة»: الجماعة، و«مسلمة لك»، أي: مسلمة لأمرك ونهيك، بالرضا والقبول منك.

.تفسير الآية رقم (134):

{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (134)}
قيل له: ما معنى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ} [134، 141] قال: أي تلك جماعة مضت لسابق علم اللّه فيهم.

.تفسير الآية رقم (143):

{وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (143)}
قوله: {وَسَطاً} [143] أي عدلا. فالمؤمن مصدّق لعباده، كما قال: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61]، أي: يصدق اللّه ويصدق المؤمنين. قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} [143] أي شديد الرحمة والرأفة بهم، يعني الرفق والحلم عنهم لعلمه بضعفهم، وأن لا حال لهم إليه لا به ولا منه.

.تفسير الآية رقم (148):

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)}
{لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها} [148] أراد أن اللّه تعالى يولي أهل كل ملة إلى الجهة التي يشاء.

.تفسير الآية رقم (155):

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)}
قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [155] قال: هم الذين صار الصبر لهم عيشا وراحة ووطنا، يتلذذون بالصبر للّه تعالى على كل حال.

.تفسير الآية رقم (157):

{أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}
قوله: {أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [157] قال سهل: أراد بالصلاة عليهم الترحم عليهم، أي ترحم من ربهم. وقال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللهم صلّ على آل أبي أوفى» حين أتوه بالصدقات، أي ترحم عليهم. وقال سهل: حدثنا محمد بن سوار عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: الصلاة على ثلاثة أوجه، أحدها: الصلاة المفروضة بالركوع والسجود كما قال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] أي خذ شمالك بيمينك في الصلاة متذللا متخشعا بين يدي اللّه تعالى، كذا روي عن علي رضي اللّه عنه. والوجه الثاني: الترحم. والوجه الثالث: الدعاء مثل الصلاة على الميت، وقد قال النبي صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا دعي أحدكم إلى الطعام فليجب فإن كان صائما فليصلّ» أي فليدع لهم بالبركة. وقال عليه الصلاة والسلام في حديثه: «وصلّت عليكم الملائكة» أي ترحّمت عليكم. وقال عليه الصلاة والسلام في حديثه: «وإذا أكل عنده الطعام صلّت عليه الملائكة حتى يمسي» أي دعت له الملائكة. قال سهل: الصلاة على وجهين أحدهما الاستغفار، والآخر المغفرة، فأما الاستغفار فقوله: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أي استغفر لهم {وَصَلَواتِ الرَّسُولِ} [التوبة: 99] أي استغفار الرسول. وما المغفرة فقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} [الأحزاب: 43] أي يغفر لكم وملائكته، أي يستغفرون لكم، ومثله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] أي أن اللّه يغفر للنبي، وتستغفر له الملائكة ثم قال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] أي استغفروا له. وفي البقرة: {صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ} [157] أي مغفرة من ربهم.